تقديرات الامن القومي للعام العبري الجديد


  • الاثنين 25 سبتمبر ,2023
تقديرات الامن القومي للعام العبري الجديد
توضيحية

ابتدأ يوم 16 ايلول العام العبري الجديد، وبهذه المناسبة أعلن رئيس مركز بحوث الامن القومي INSS الجنرال احتياط تمير هايمن تقديرات المركز للسنة الجديدة التحديات والفرص، مخصصا الحصة الأكبر للتحديات وهي كالتالي: التحدي الفلسطيني، يليه الإيراني واحتمالية النووي السعودي وسباق تسلح نووي إقليمي، والوضع الاسرائيلي الداخلي وحصريا لُحمة المجتمع ونهاية طابع جيش الشعب.
التحديات:
اعتبر التقدير بأن التحدي الأشد خطرا على اسرائيل هو “انزلاقها الى دولة ثنائية القومية”، مما يستوجب “تبني استراتيجية انفصال، وفقط مثل هذه الاستراتيجية “بإمكانها الحفاظ على طابع اسرائيل وازدهارها”. في المقابل يقلّل التقدير من شأن العمليات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية ويعتبرها مجرد انعكاس للتحدي الكبير وبإمكان إسرائيل مواجهتها بخطوات تكتيكية.
في الشأن الايراني، التحدي المركزي هو ان إيران قد باتت على العتبة النووية، رغم تخفيف وتيرة تخصيب اليورانيوم مؤخرا ضمن تفاهمات مع الولايات المتحدة ووكالة الطاقة الذرية. وهذا يحفز على تحويل المنطقة الى منطقة سباق تسلح نووي اقليمي وحصريا، فيما لو حصلت السعودية على قدرات ذاتية لتخصيب اليورانيوم على أراضيها. فيما ينظر في هذا السياق ايضا الى تحدّ اخر وهو أن التوتر على الجبهة الشمالية مع لبنان متواصل، وقد يقود الى حرب “نتيجة لفائض الثقة بالنفس لدى حزب الله” على الرغم من تعارض ذلك مع مصالح كل من لبنان وإيران.
تتوقف التقديرات مطولا عند مسألة الامتحان الصعب للُحمة المجتمع الاسرائيلي، ويضاف اليها هذه المرة الخطر المحدق بالجيش بصفته جيش الشعب، في ضوء وضع التقاطب والكراهية المتبادلة بين المعسكرات السياسية واتباعها. ويعود ويشدد على المس الخطير والواسع بمهنية واداء قادة الاجهزة الامنية، مما سيضعف الجيش والشاباك. ويرى هايمن بأن المجتمع الاسرائيلي لا يزال يملك القدرة على مواجهة كل التحديات الخارجية، لكن الامر الاكثر تعقيدا والأكثر أهمية هو معالجة التحديات الداخلية المتفاقمة والمتسارعة.
ضرورة حيوية بأن تنتقل إسرائيل من الانشغال بالقضايا الفورية الطارئة الى الحلول بعيدة المدى، بهدف منع ضمور دورها.
الفرص:
بموجب التقديرات فإن التكنولوجيا الاسرائيلية تحمل البشائر الأهم للمنطقة في مواجهة الازمة المناخية؛ وتوفير الماء والطاقة والتكنولوجيا.
الفرصة الاسرائيلية الثانية هي نتاج الحرب في أوكرانيا والتي ضاعفت من الطلب على التكنولوجيا العسكرية ويرى بذلك فرصة للصناعات العسكرية والامنية الاسرائيلية.
اتفاق سلام وتطبيع مع السعودية في حال حصل فعلا، فإنه يشكل الفرصة الاستراتيجية الاكبر لإسرائيل. بشرط ان يعالج التحديين المركزيين الفلسطيني والإيراني؛ فلسطينيا ينبغي ان يوقف الانزلاق نحو دولة واحدة، اي فرض تنازلات اسرائيلية جوهرية تدفع نحو دولة فلسطينية، وإقليميا أن يضمن تقليص نفوذ إيران في المنطقة. وفي حال ضمن هذين المبدئين فإن “الثمن” الإسرائيلي ذو جدوى، وغير ذلك فلا حاجة له.
تحليل:
يتطرق التقدير الى مجمل التحديات الجوهرية من وجهة نظر أمن قومي اسرائيلي. ورغم جديته الا انه يحمل أكثر من تفسير وخاصة في الشأن الفلسطيني، اذ يتحدث عن منع الانزلاق الى دولة واحدة او دولة ثنائية القومية، الا انه لا يتعاطى مع الاحتلال والمشروع الاستيطاني، ولا عن حدود (مثلا حدود 1967)، ويمكن التأويل بأن منع الانزلاق الى دولة واحدة ثنائية القومية يعني تقديم تنازلات جوهرية للفلسطينيين واقامة دولة فلسطينية اوسع من حدود السلطة الوطنية الفلسطينية.
يشكل التقدير توجها صداميا مع موقف نتنياهو القائل “لن تقوم دولة فلسطينية” والذي يرى ايضا بأن المسألة الفلسطينية لا تشكل عقبة امام اتفاق سلام مع السعودية لا علاقة له بالشأن الفلسطيني، كما ويشكل نقيضا لتوجهات سموتريتش وحزب الصهيونية الدينية بالضم، وهو عمليا توجه كامل المنظومة الامنية الاسرائيلية.
يتضح من التقديرات الصادرة عن معهد INSS بأن على اسرائيل الاستمرار في استخدام استراتيجيتين متزامنتين واحدة عسكرية امنية ترى بالحروب وويلات الشعوب كما في اوكرانيا فرصة اقتصادية ولتصدير العتاد العسكري، وتدعو الى الاستراتيجية الناعمة فيما يتعلق بالتغلب مع دول المنطقة على الازمة المناخية والمياه بواسطة التكنولوجيا الاسرائيلية.
في تقديرنا لا تملك اسرائيل بالضرورة تفوقا تكنولوجيا جوهريا، بل تتراجع في هذا المضمار ايضا نتيجة أزمتها العميقة، كما ان الدول العربية وبالذات الخليجية منها ومصر تمتلك قدرات متطورة في المجالات المذكورة.
في اي اتفاق مع السعودية فيما لو حصل مستقبلا لا تستطيع اسرائيل تحميل المشروع النووي الايراني على الاتفاق ذاته ولا تملك القدرة على ذلك، والسعودية شهدت تقاربا مع إيران ولا تبدو معنية بتأدية “لعبة الكراسي” واستبدال هذا الطرف بذاك.
ليس بالضرورة ان يتم تغليب اولوية التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى على ردود الفعل التكتيكية، بل وفقا للتقديرات العسكرية فإن الجبهة الشمالية مع لبنان قد تشهد تصعيدا حربيا، مما يحيلها الى اولوية على حساب التخطيط الاستراتيجي، مما يشير الى تورط اسرائيل بأزمتها التي لا يبدو مخرجا منها وهي تشد نحو الانشغال بالشأن الآني والطارئ.

الخلاصة:
• تقديرات معهد بحوث الامن القومي جديرة بالتوقف والدراسة، وهي تشير اساسا الى التحديات القائمة فعليا مقابل فرص ليست مضمونة، ولكنها ممكنة. وهي بالمجمل تشير الى تراجع عميق في دور ووظيفة اسرائيل إقليميا وفقدانها الكثير من القيمة الاضافية التي حاولت سابقا ان تتبوأ مكانة مميزة في مثل حلف استراتيجي اقليمي وقيادة اركان اقليمية وما الى ذلك.
• تعود الى الواجهة وبقوة، قضية فلسطين التي سعت اسرائيل الى تغييبها وتجاوزها، لتشكل المرحلة الحالية فرصة كبيرة للشعب الفلسطيني وقيادته.
• القلق الحقيقي والاستراتيجي الاسرائيلي من الانزلاق الى دولة واحدة ثنائية القومية هو ايضا فرصة فلسطينية وعربية يجدر ان لا يتم تفويتها، بل جعل القلق يتعاظم.

 

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر