هل ستشهد لبنان حربا طويلة تُحول بيروت لغزة ثانية؟

مرّ عامٌ إلا يوم على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتتزامن الذكرى الأولى للحرب المستمرة على غزة بحربٍ إسرائيلية أخرى في لبنان، حيث يُصعد جيش الاحتلال من قصف بلدات الجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية.
وأمس السبت، شن طيران الاحتلال غارات عنيفة على الضاحية الجنوبية في بيروت بعدما هدد سكان بعض المناطق بإخلاء منازلهم.
وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن "الطيران الحربي للعدو الإسرائيلي نفذ عشرات الغارات جدا على الضاحية الجنوبية، ومنطقة الشويفات"، حيث سمع دوي انفجارات ولوحظ تصاعد أعمدة الدخان فوق جنوب بيروت.
هل ستنفذ "إسرائيل" تهديدا غالانت بتحويل بيروت لغزة ثانية؟
ويقول المحلل السياسي أمير مخول للجرمق، "الحرب جارية الآن، وهذا ليس بحاجة لتخمين مستقبلي، إلا إذا حدثت معجزات لوقف إطلاق النار وهذا مستبعد جدا، ولكن واضح أن إسرائيل أدخلت لبنان وحزب الله في حرب وجودية إلى حد كبير، وأدخلت المنطقة في حالة من الصراع الوجودي، مع أنها ليست بخطر وجودي ولم يكن هناك خطر وجودي يوما من الأيام وهذا كله بدعة لبرير من تقوم به، لا يوجد طرف يستطيع تهديد إسرائيل وجوديا في المنطقة وهذا يمكن الاعتراف به".
ويتابع، "إسرائيل تستخدم الخطر الوجودي بالإجماع القومي لتبرير الحرب الدائمة، منذ اللحظة الأولى قبل عام إلا يوم أعلن نتنياهو أن هذه حرب سوف تغير وجه الشرق الأوسط وأنها حرب وجودية على إسرائيل، وغانتس تحدث بذات اللهجة وغالانت تحدث أيضا بها، وقيادة الجيش تحدثت بذات الأسلوب، لكن من الواضح أن هذا المخطط ليس مخطط اليوم، وإنما هو موجود دائما، ولم يحصل بسبب الحرب فقط، وأخرجوه من الذات"
ويردف للجرمق، "واضح إذا أرادت إسرائيل حربا وجودية على حزب الله أي تفكيك قدراته، فهذا يعني أنها حرب طويلة الأمد، إذا أرادت إسرائيل تغيير وجه لبنان وشكله، وجغرافيته وديموغرافيته، فهي حرب طويلة الأمد، وذات الشيء إن أرادت أن تتجه لسوريا فهذه أيضا حرب طويلة الأمد"
ويضيف، "لا يعني هذا أن إسرائيل قادرة على كل شيء، وليس كل ما يريده نتنياهو يستطيع أن يقوم به، الشيء الأساسي الذي لم تستطع إسرائيل النيل منه هو وجود قضية فلسطين، ورغم أنه الآن هناك مسعى لإلغاء قضية فلسطين بشكل تام وتحويلها إلى قضية خارج أي سياق بعكس ما كان في الأشهر التي تلت الحرب على غزة، إسرائيل الآن تخسر استراتيجيا وتتعزز تكتيكيا بقدرتها العسكرية، أو بالأساس بقدرة الولايات المتحدة الأمريكية"
ويقول، "الآن، الحرب ستكون طويلة، لا يمكن أن تكون حربا قصيرة بهذا الشكل، إلا إذا رأت الولايات المتحدة الأمريكية بعد انتخاباتها أن هناك خطر على تراجع إضافية لـ إسرائيل، وعندها ستتحرك، كما أن هناك بعض المؤشرات غير المؤكدة تشير إلى أن النظام العربي بدأ يشعر نفسه مهدد كنظام وهذا بعكس التهديدات الإسرائيلية للتنظيمات في لبنان مثلا حزب الله أو لإيران مثلا أو لحماس، التي كانت تروج إسرائيل أنها تهديد للنظام العربي أو البيئة العربية ككل، والبيئة الاستراتيجية للمنطقة والتجارة العالمية للمنطقة، وهذه منطقة عليها تنافس محوري بين الولايات المتحدة والصين خاصة في دول الخليج بموضوع التجارة والنفط، الأمور لا يمكن أن تُحسم عسكريا، لكن إسرائيل لا تملك إلا الخيار العسكري".
ويتابع، "إذا فرض عليها وقف إطلاق النار سيكون ذلك قائما، لكن الآن الخيار العسكري قائم في غزة الآن التي تسعى إسرائيل لفك الارتباط بينه وبين جبهات الإسناد أو المحور، أو وحدة الساحات، لذلك الأمور غامضة لا يمكن القول إن هناك شيء واضح نحو ما ستؤول إليه الأمور".
ويضيف، "من الواضح أن الحرب طويلة، ستكون فيها أطراف دولية متداخلة، مثل الموضوع الإيراني، وتعاون الولايات المتحدة الأمريكية مع إسرائيل بشكل صارخ، ورأينا أمس صراعات بين فرنسا وإسرائيل، وتنافر بين الرئيس الفرنسي ونتنياهو، هذه الأمور تبدو شكلية ولكن لها وزن"
ويوضح، "أن تقوم الآن إسرائيل بضرب الطاقة في إيران هذا سيولد أزمة كبرى في أسعار النفط والتدفئة في الشتاء وما إلى ذلك، لذلك الأمور ليست باتجاه واحد وليست محسومة، الحرب في لبنان لا تزال في بداياتها رغم كل ما رأينا، ولن تصل لأي حسم، وإسرائيل تسعى لتقويض حزب الله وتفكيك قدراته، هذه المعادلة والشعب اللبناني الذي استهدفته إسرائيل وأرادت أن تُدفعه إلى جانب الدولة اللبنانية الثمن، لكن أعتقد أن هذا يخلق نقيض ما تنويه إسرائيل بفك الارتباط بين الجموع اللبنانية وجمهور حزب الله"
ويقول للجرمق، "إسرائيل اليوم لا تملك قدرة على حسم المعركة لا في غزة ولا في لبنان ولا إقليميا".
الاجتياح البري العميق
ويقول، "أكثر من يحذر من العملية البرية العميقة، هم الإسرائيليون أنفسهم، المحللون والعسكريون السابقون، الأمر ليس بهذه السهولة لأن إسرائيل لديها صدمة الوحل اللبناني وورطتها في لبنان، من عام 1985 حتى عام 2000 ثم عام 2006 والآن تعود، وعملية الليطاني في عام 1978، الكثير من العمليات قامت بها وحاولت إدامة ذلك، ولأهداف ليس فقط عسكرية وإنما طموحات وأطماع إسرائيلية قديمة تعود لقبل نحو قرن في منطقة في لبنان، برؤية أن الليطاني يجب أن يكون مصدر مياه لإسرائيل وليس بالصدفة هو موضوع يُطرح كل مرة وتسمى الحملات حملة الليطاني، لكن الآن الأمور تبدو إسرائيليا متورطة".
ويضيف للجرمق، "الدخول البري غير وارد، من الصعب أن تنجح به إسرائيل دون ثمن غالي جدا، في المقابل، أعتقد أن الطرفين (حزب الله وإسرائيل) لم يستخدما حتى الآن القدرات المتطورة، إسرائيل تستخدم ذلك في سلاح الجو والقصف، ولكن غير ذلك لا تستخدمه".
ويتابع، "إسرائيل تحاول محاصرة لبنان، وخلق طوق حول لبنان ومحاصرتها من جهة سوريا، وعندها ستقطع عمليا كما أسمت ذلك منع ضخ الأكسجين لحزب الله أي خنقه بمفهوم البعد الجغرافي والتسليحي والتجاري وغير ذلك".
ويقول، "كل ذلك متاح وإمكانيته واردة، يبدو هناك استعداد لاجتياح في سوريا على الأقل في المنطقة الحدودية مع لبنان، وممكن أن تقيم إسرائيل إقليم في جنوب سوريا إلى الجولان موالي لإسرائيل، هذا ما تسعى إليه ويمكن أن تنجح به ويمكن لا وهذا يعتمد على الأطراف الاخرى دون شك".