ما دلالات القصف المتتالي لـ "تل أبيب" بفارق زمني قصير بصواريخ من لبنان؟

أعلن حزب الله في لبنان عن قصفه صباح اليوم قاعدة "غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية 8200 في ضواحي تل أبيب"، حيث دوت صافرات الإنذار في "تل أبيب" الكبرى بعد ساعات من الإعلان عن سقوط صاروخ دون تفعيل صافرات الإنذار في ذات المنطقة.
دلالات الاستهداف المتتالي لـ "تل أبيب"
ويقول الباحث والمحلل السياسي أنطوات شلحت للجرمق، "واضح أن حزب الله عندما أعلن على لسان نائب الأمين العام لحزب الله أنه انتقل لمرحلة جديدة وصفها بأنها مرحلة إيلام العدو هو يقصد أن ينتقل لمرحلة جديدة من خلال ما يستخدمه من ترسانة أسلحة وخصوصا صواريخ متوسطة المدى وبعيدة المدى".
ويتابع، "قصف تل أبيب يقصد حزب الله أن يثبت أنه فعلا انتقل لمرحلة جديدة والانتقال يأتي ارتباطا بحجم العدوان الإسرائيلي على لبنان وخصوصا على الضاحية الجنوبية لبيروت، وواضح أن العدوان يسير بخط متصاعد ومتنامي منذ أن بدأ، كذلك التوغل البري في جنوب لبنان يسير في خط متصاعد بغض النظر عن النتائج التي يحققها الجيش الإسرائيلي على الأرض أو الميدان".
ويردف، "الكثير من المحللين الإسرائيليين سبق أن قالوا إن الضربات التي وجهتها إلى حزب الله بالفترة الأخيرة والتي كانت عبارة عن هجمات إلكترونية وسيبرانية بالإضافة لعمليات الاغتيال التي طالت كل قيادات حزب الله بدءا من الأمين العام حسن نصرالله ليس معناه أن حزب الله سيختفي وليس معناه أنه تم القضاء على ترسانته العسكرية، بالتالي هذه الهجمات التي تمت أمس واليوم واستهدفت تل أبيب جاءت لتثبت بالدليل القاطع أن هذه الترسانة ما زالت ربما تمتلك الكثير من المفاجآت".
ويضيف للجرمق، "التحليلات الإسرائيلية تقول إن حزب الله لم يستخدم حتى الآن الكثير من أسلحته الدقيقة وخصوصا الصواريخ وأن استخدام الصواريخ الدقيقة يمكن أن يلحق أذى أكبر من الأذى الذي ألحقته الصواريخ المستخدمة حتى الآن".
ويلفت إلى أن، "التحليلات الإسرائيلية تشير إلى أن عدم استخدام الأسلحة الدقيقة على أن الحزب يؤكد أنه لا يريد أن تكون هناك حربا شاملة، مع أنه أعلن أن التوغل البري جنوب لبنان والغارات اليومية على الضاحية الجنوبية هي بمثابة إعلان حرب على حزب الله ولكن ربما هذه الحرب لا تزال تحت سقف معين هو أدنى من أن توصف بأنها حربا شاملة".
ومن جهته يقول المحلل السياسي والباحث صالح لطفي للجرمق، "الصواريخ التي تطلق من جنوب لبنان، هناك مجموعة دلالات، فيما قامت به إسرائيل بحملتها على حزب الله الذي ادى لاستشهاد لعدد من قياداته وضرب البنى التحتية للحزب، أحد أهداف إسرائيل هو تدمير ما سمي بالمنظومة الصاروخية المتقدمة لحزب الله لأن إسرائيل تدرك تماما أن الحزب يملك الإمكانيات والقدرات ويستطيع أن يشل الحياة في إسرائيل من جنوبها إلى أقصى شمالها".
ويتابع، "الصواريخ التي تقذف من لبنان لإسرائيل، هي في 3 سياقات، أولا إسرائيل تتوقع إطلاق الصواريخ وهي تعتقد وإن قالت كما زعمت أنه تم تدمير ترسانة الحزب إلا هناك صواريخ متبقية وبالتالي هي مُهيأة نفسيا لمثل هذا الأمر".
ويردف للجرمق "الأمر الثاني، حزب الله يسعى في سياق الصراع الدامي بينه وبين إسرائيل أن يثبت للمنظومة التي تحيط به سواء المقاومة أو الحاضنة الشعبية أو الدول التي رعته أنه لا يزال يملك ترسانة وباستطاعته أن يفعل ما يشاء متى يشاء، وهذا بحد ذاته يعتبر إعادة الثقة بينه وبين حاضنته".
ويضيف، "الأمر الثالث، حسم الموقف تجاه أن إسرائيل سعت في حربها الضروس إلى تثبت أولوية إسرائيل سواء على المستوى العسكري الأمني الشرطي أو على المستوى المجتمعي وإعادة ما سمي بسياسة الردع وإعادة ما سمي بالحسم، لا الردع نفع ولا الحسم، بالتالي هذا بحد ذاته هو أحد الأضرار الكبرى التي تعاني منها المنظومة الإسرائيلية بكل مكوناتها مهما بلغت قوتها، وهذا في السياق الاستراتيجي لصالح المقاومة بشكل أو بآخر مع مرور الزمن وليس لصالح إسرائيل التي مهما كانت قوتها وقوة المنظومات الداعمة لها إقليميا".
هل تتحول "تل أبيب" لهدف يومي لحزب الله؟
ويضيف المحلل السياسي أنطوان شلحت للجرمق، "حسب بعض التحليلات الإسرائيلية أنه من الممكن أن تتحول تل أبيب الكبرى لهدف يومي يقوم حزب الله بقصفه لأنه يمتلك مثل هذه الصواريخ التي بإمكانها أن تصل لتل أبيب، وأكثر من ذلك يقال في التحليلات الإسرائيلية عشية الحرب أن الحزب يمتلك ترسانة صواريخ تصل لكل أنحاء إسرائيل وليس فقط لمنطقة تل أبيب الكبرى، فالتوقع واقعي وليس وهمي أو خيالي، والأيام المقبلة ربما تقدم الجواب الأوضح على ذلك".
ويقول للجرمق، "الآن من الواضح أن حزب الله يوجه رسالة أنه قادر على قصف تل أبيب، فالخطوة المقبلة هي استخدام صواريخ أكثر دقة لإلحاق أذى لتل أبيب، والحزب أعلن على لسان مسؤوليه أن أي استمرار للعدوان على السكان المدنيين سيُقابل بإطلاق صواريخ تستهدف السكان المدنيين، حتى الآن لم يتم هذا الأمر، والسؤال هل سيتم في حال استمرار الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت واستمرار التوغل البري في الجنوب اللبناني، وهذا السؤال لا يوجد إجابة دقيقة عليه ويجب أن ننتظر كيف ستكون التطورات في الأيام والساعات المقبلة".
وبدوره، يقول المحلل السياسي صالح لطفي، "نحن نقرأ ما تذكره بيانات حزب الله، والبيانات تذكر أن هدفها الشمال صفد وطبريا ومركز حيفا وعكا، وأكثر من مرة أشار الحزب أن سيحيل مدينة حيفا لمدينة مهاجرين كما فعل في الشمال، وبالتالي توقعاتي أن التركيز لحزب الله سيكون على مدينة حيفا لأنها مدينة استراتيجية جدا، صحيح أن تل أبيب بمنطقتها الكبرى تحمل زخم كبير جدا لإسرائيل ولكن حيفا لا تقل عنها أهمية فهي تعتبر عاصمة الشمال وأكبر مساحة جغرافية وأكثر عمقا استراتيجيا".