مقترح أمريكي لترحيل الغزيين..هل هذا هو ثمن وقف الحرب؟ وهل المقترح قابل للتطبيق؟

اقترح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترحيل أهالي قطاع غزة إلى بعض الدول العربية المجاورة ومن بينها مصر والأردن.
وقال ترامب إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين، لاسيما أن القطاع مدمر بشكل تام وفي حالة فوضى عارمة.
وتابع ترامب، "القطاع هدم حرفيًا.. لذلك أفضل أن أشارك مع بعض الدول العربية في بناء مساكن في موقع مختلف، حيث يمكنهم ربما العيش في سلام لأول مرة"، وفق ما نقلت وكالة رويترز.
كما أضاف أنه تحدث إلى العاهل الأردني الملك عبد الله "وطلب منه استقبال المزيد من سكان غزة". مضيفا، "أنظر إلى قطاع غزة بأكمله الآن وهو في حالة من الفوضى، إنها فوضى حقيقية. لذا أود من الأردن أن يستقبل البعض".
كذلك أشار إلى أنه يأمل أن تستقبل مصر المزيد من الفلسطينيين أيضا، لافتاً إلى أنه سيتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اليوم.
خطورة المقترح
ويقول الكاتب والمحلل السياسي أمير مخول، "في التاريخ الفلسطيني لم يكن هناك أي تهجير مؤقت، هناك تهجير دائم منذ النكبة حتى اليوم، ورأينا أن ما هو مؤقت هو الأكثر ثباتا وقضية اللاجئين هي أكبر شاهد وقضية النازحين بعد حرب عام 1967 أيضا، ولذلك لا قبول بالتهجير فلسطينيا وأعتقد لا يوجد فلسطيني يقبل بذلك".
ويضيف للجرمق، "هذا يعيدنا لموقف الرئيس المصري السيسي في بداية الحرب عندما أرادت إسرائيل أن تُحدث نقلا سكانيا لسيناء فقال فلتقم إسرائيل بذلك في النقب، حيث غالبية سكان غزة لاجئون من هذه المنطقة في تحدي للموقف الإسرائيلي".
ويتابع، "الآن يأتي المشروع مجددا من ترامب الذي نقل في خطاب التنصيب عدة مواقف وأمور، أحدها أن غزة موقع استثنائي وتحدث عن فكرة إعادة الإعمار بشكل مختلف، أن غزة موقف استثنائي هذا مصطلح ليس من باب الجغرافيا ولا السياحة، ترامب لا يفكر بهذه الأمور، إنما يفكر بها كموقع استراتيجي، وهذا يعيدنا للمشروع الأمريكي الإسرائيلي الهندي الذي يمرّ في الممر التجاري البري المائي من الهند إلى أوروبا والفكرة أن يُحوّل ميناء غزة لميناء إسرائيلي أو أمريكي ويتم هناك تحويل البضاعة لأوروبا، وهذا مخطط توسيع".
ويردف، "الآن ترامب يطالب دول عربية وهن مصر والأردن وهي أول دول احتجت ومنعت التهجير في بداية الحرب، فقد كان هناك مخطط أمريكي بإدارة بايدن أن يتم نقل الفلسطينيين إلى سيناء ومن ثم نقلهم بالبواخر الأمريكية وغيرها إلى دول أخرى".
ويقول، "الوضع الآن مختلف، ترامب يسعى للسيطرة على الغاز الفلسطيني الطبيعي في بحر غزة أو في المياه الإقليمية والتي هي ملك الشعب الفلسطيني".
ويوضح أن، "المقترح لا أساس سيكون له، إعادة الإعمار ليس عملا خيريا، وترامب طرح إعادة الإعمار بشكل مختلف وهو ما طرحته المعاهد الإسرائيلية لأبحاث الأمن القومي وغيرها، وتحدثت عن الإلغاء الكامل لوجود المخيمات في غزة، لن يعاد بناؤها وكذلك في الضفة الغربية حيث يتم الحديث الآن عن اجتثاث المخيمات، والهدف من وراء ذلك القضاء على ما يسمى البيئة الحاضنة للفصائل الفلسطينية وبالمقابل القضاء كما تقول إسرائيل على رواية العودة واللجوء وحق العودة، ولهذا تستهدف إسرائيل الأونروا التي لن تعود لغزة".
ويقول، "مشروع ترامب، خطير جدا واستعماري بامتياز، لإغداق الأموال وينبغي التصدي له، وإن كان هناك حاجة لنقل سكاني فليكن بقرار فلسطيني كامل إلى داخل النقب كموقف متقدم لمنع تنفيذ مقترح ترامب، وفي المقابل، يجب الحفاظ على الحق الفلسطيني، فإعادة الإعمار في غزة ليس الهدف منها هو القضاء على الحق الفلسطيني".
ويتابع، "الفكرة الأمريكية والإسرائيلية لإعادة الإعمار هي البناء بطوابق عالية في الأبراج السكنية بالمخيمات وبالذات جباليا، وباقي المخيمات وعددها 8 ويشكل سكانها ربع سكان قطاع غزة من اللاجئين، وحين يتم البناء العالي بطوابق يتم السيطرة على النسيج الاجتماعي الفلسطيني وتخريبه".
ويردف للجرمق، "وهذا تم تجريبه بعد النكبة في الثمانينات عندما جاء علماء الديموغرافيا ’الهندسة السكانية’ لدفع فلسطينيي الداخل للبناء طوابق وليس الواحد بجانب الآخر بحجة أن هناك نقص بالأراضي، ولكن الحقيقة أنه لا نقص في الأراضي ولكن الدولة لا تريد أن تعطي الفلسطيني أرض، ولكن الهدف كان السيطرة على التكاثر الطبيعي عند الفلسطيني، والآن هناك هبوط حاد لما كان عليه الفلسطيني في سنوات الثمانين لغاية اليوم بالتكاثر الطبيعي وهذا النوع من السيطرة الديموقراطية يسعون لزيادتها إسرائيليا وتقليصها فلسطينيا".
ويضيف، "الآن، يأتي دور غزة، وهناك مسعى لاستنساخ نموذج الداخل الفلسطيني، تحت نظرية التطوير ولكن فعليا هو تهجير للقضية إن لم يكن تهجيرا للسكان".
ويوضح أن، "التهجير قضية يجب التصدي لها واتخاذ موقف فلسطيني وعربي ودولي واضح، البيئة الدولية داعمة ولكن يبقى موقف ترامب والولايات المتحدة وتل أبيب وهذا دائم الوجود ولكن يجب إحباط المخطط بشكل كامل".
هل مقترح ترامب وليد اللحظة؟
ويقول مخول للجرمق، "مقترح ترامب هو مخطط قديم وليس وليد اللحظة وحصل عدة مرات بتاريخ غزة والضفة، فخلال سنوات الثمانين كان حزب العمل يتحدث عن ذلك، وكانت المخططات بعد كامب ديفيد هو نقل سكاني وإعادة إعمار من خلال تبادل سكاني، ولكن الآن حديث عن مشروع طُرح عام 2014 بشكل واضح وأيضا عام 2009، والآن يعود بشكل مكثف لأن هناك دمار هائل".
ويضيف، "هناك جزء من هذا المخطط هو أن المسعى الإسرائيلي أيضا استخدام الركام والردم الهائل الذي تحدث عنه ترامب بوصفه موقع هدم ضخم، الحديث يدور عن توسيع مساحة غزة في البحر أي تجفيف مناطق باستخدام الردم، وهذا كان مخطط لكاتس حينما كان وزيرا للخارجية في بناء جزيرة اصطناعية في قلب البحر مقابل غزة ونقل نحو نصف مليون فلسطيني لها، والحديث عن توسيع الحدود في البحر للحفاظ على المنطقة العازلة وهذا عمليا توسيع لحدود إسرائيل وليس توسيع لحدود غزة".
ويتابع، "المخططات جدية وبعضها يعود عشرات السنين للوراء بموضوع النقل السكاني لأهل غزة، ولكن الآن الموضوع مندمج مع إعادة الإعمار وهذا ليس مشروعا خيريا وربما يكون الأخطر على تاريخ فلسطين بعد الحرب على غزة".
ويردف، "الحديث أن إسرائيل لم يكن لديها تصور لليوم التالي للحرب اتضح أنه غير صحيح فيوجد لها تصوّر، ولكن هل تنجح بتطبيقه بدعم ترامب؟ ليس بالضرورة".
موقف مصر والأردن
ويقول مخول، "المواقف الأردنية والمصرية حاسمة بمسألة التهجير، فالأردن لها موقف واضح بهذا الشأن، فهو يعتبر ما يطلبه ترامب تهديدا للأمن القومي فهي أكثر دولة فيها فلسطينيين والفلسطيني يعتبر جزء من الكيان الأردني لحين العودة، وإذا وافق الأردن بلاجئي غزة سيفرض عليه قبول لاجئي الضفة، الأردن سيرفض الطلب بأي شكل كان، قضية الديموغرافيا بالأردن حساسة، ولذلك السعي لحل مشاكل إسرائيل من خلال تحميلها على مصر والأردن، سيرفضه الأردن الذي رفض تهجير غزة إلى جانب مصر".