"عربات جدعون" وترامب وليبيا..هل حقا؟


  • الاثنين 19 مايو ,2025
"عربات جدعون" وترامب وليبيا..هل حقا؟
ترمب

وفقا لوكالة إن بي سي من يوم 17/5 تقوم ادارة ترامب بالاعداد لتهجير مليون فلسطيني من غزة الى ليبيا. بينما كان نتنياهو في 12/ايار الجاري قد صرح في اجتماع حكومي عن نيته بتهجير الفلسطينيين من غزة فيما ان المشكلة هي عدم وجود دولة ثالثة مستعدة لاستقبالهم لاجئين دائمين، كما وتذمر من  تدنّي عمل "مديرية الهجرة الطوعية".

في كل تصريحاته خلال جولته الخليجية تجاهل ترامب ذكر كلمة فلسطين او القضية الفلسطينية او حلها فيما تحدث عن غزة وذكر معاناة سكانها من ويلات الجوع بشكل مقتضب وبوعود مبهمة على شاكلة "في الشهر القادم ستكون اخبار جيدة عن غزة"

وضع ترامب الاسس لاقامة محاور اقليمية جديدة بخلاف ما كانت عليه في العقود الاخيرة، وحصريا في سعيه لإتباع الملف السوري الى محور حليجي تركي، واذ ينقل وفقا لتصريحاته مركز الثقل اكثر لصالح السعودية وقطر والامارلات كل على حدة، فإنه يسعى الى خلق توازن نفوذ جديد في سوريا، القابلة للاستثمارات في البنى التحية والنفطية والغازية والمعادن بعدما الغى العقوبات الجائرة المعروفة بقانون قيصر. توقف ترامب عند الملفات الملتهبة لكن بعجالة وحصريا السودان وليبيا حيث في كليهما يرى ازمة البلدين وحربيهما الاهلية بمثابة فرصة تدخل من خلال خلق محور وكيل للسياسات الامريكية، فيما العديد من الاطراف المعنية بالملف السوري معنية بالملف الليبي والسوداني من خلال اصطفافات تتواءم م؛ تركيا والامارات وقطر.

امتنع ترامب وبشكل تظاهري عن ذكر دولتين لهما شأن مباشر وعضوي في مواجهة التهجير وحرب الابادة في غزة، وبقضية فلسطين؛ انهما مصر والاردن. كما وتدرك ادارته وكل الاطراف المعنية بأن الشأنين السوداني والليبي هما مسألة أمن قومي مصري مباشر وبأعلى درجاته.

لا يوجد تأكيدات رسمية حول الموقف الامريكي من الحديث المتجدد عن جهود امريكية مكثفة لدفع الحكومة الليبية الى استيعاب مليون لاجيء فلسطيني من غزة. بينما كان من اللافت تزامن تفجر الاوضاع الامنية في ليبيا عشية زيارة ترامب للمنطقة، بينما تؤكد وكالة إن بي سي بأن الولايات المتحدة في مرحلة محادثات متقدمة مع الحكومة الليبية بصدد استيعاب الفلسطينيين المهجرين، مقابل اغراءات امريكية مالية وامنية واسعة. 

بالنسبة الى نتنياهو "الغاضب" من تجاوز ترامب له في الملفات الاقليمية، فإنه يستطيع ان يترجم تصريحات ترامب عن غزة على انها تمنحه ضوءا اخضر مجددا لمواصلة الابادة والتطهير العرقي والسعي للتهجير على الاقل لعدة اسابيع. قام ترامب بتهميش قضية غزة وبإلغاء قضية فلسطين وفقا لخطابه.

احتمالية الاتفاق مع دولة قد تقبل باستيعاب اللاجئين الجدد المقتلعين من غزة وفقا للمخطط، تفوق امكانيات اسرائيل الدبلوماسية والعسكرية والاقتصادية وحصريا مع تراجع اثرها ووزنها الاستراتيجي الذي يتردى بتسارع خلال الحرب على غزة. بينما يحتاج نتنياهوالى الدور الامريكي كدور محوري يقوم بدوره بعملية "اقناع" ليبيا، او بالمسار الاخر وهو الحديث عن استخدام الاراضي السورية في ظل الاستباحة الاسرائيلية محطةً لنقل المهجرين الفلسطينيين المحتملين.

وفقا للخطة العسكرية عربات جدعون الفلسطينيين في غزة امام خيارات ثلاثة هي الابادة او الهجرة لسكان غزة، او اذعان حماس لكامل الشروط الاسرائيلية بما فيها التخلي عن سلطتيها المدنية والعسكرية وإجلاء قيادات فيها. في هذا الصدد يأتي تصريح وزير الامن الاسرائيلي كاتس السبت 17/5 بأن حماس تراجعت امام التهديد المباشر ببدء عملية عربات جدعون، وعادت الى التفاوض في الدوحة. يبدو تصريح كاتس متماشيا اكثر مع الموقف الامريكي منه مع موقف نتنياهو العلني الداعي الى التهجير الجماعي. الا ان هذا التمايز لا يعني الكثير اذ ان كاتس موجود في منصبه لولائه لنتنياهو ومن المستبعد تماما ان يدلي بأي تصريح دون رغبة الاخير.

فيما جاءت تصريحات ترامب في جولته في المنطقة ضبابية ولا تسير الى المخطط الامريكي الحقيقي، فمن ناحية يتحدث عن بشاعة الحرب ومعاناة اهل غزة من الجوع، ثم تحدث عن رغبته في الاستحواذ على غزة وتحويلها الى منتجع ووعد بالبشائر بعد حين ودون ان يحدد ماهيتها.

غموض التصريحات والمواقف الامريكية والاسرائيلية على السواء، قد تكون مؤشرا الى ان عملية التهجير غير نافذة، وفي حال كانت كذلك فثمنها سيكون استراتيجيا، ويعوّق على مشروع المحاور الاقليمية التي تسعى لها واشنطن.

للخلاصة:

تشي التصريحات الاسرائيلية والتهديدات بمباشرة حملة "عربات جدعون" بأنها تحوي عاملا تفسيا للفلسطينيين وترويعهم وخلق ذهنية قابلة للتهجير في حال باتت الخطة حقيقية.

التضارب في الموقف الامريكي من غزة انما يصب في خدمة نتنياهو، وهو المعني بإبقاء الحالة الفتاكة في غزة ودونما حل سياسي او انهاء للحرب، الا اذا واجه موقف امريكيا حازما.

رغم ما نشره موقع إن بي سي، فلا يزال التقدير بأن ادارة ترامب ليست في عجلة من امرها، ثم انها كما اسرائيل تتحديان بشكل صدامي الامن القومي المصري ومركزية كل من غزة وليبيا فيه، وقد يدفع مثل هذا المشروع في حال السعي لتنفيذه الى اشتعال المنطقة بدلا من سياسة "اطفاء الحرائق" التي اعلنها ترامب.

المخاطر المحدقة بغزة وبفلسطين عموما هي مخاطر هائلة وحقيقية وقد تكون الابادة المستدامة بوتيرة متصاعدة هي ما ستجنيه "عربات جدعون".

عربيا، ما لم تكن آلية ضغط موحدة وفاعلة على ادارة ترامب فإن كارثة غزة وفلسطين بكل اسقاطاتها على المنطقة ستدوم وتتصاعد.

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر