ما الذي يقصده نتنياهو بعملية عسكرية واسعة في لبنان؟

أفادت القناة 13 الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرر توسيع العملية العسكرية على الجبهة الشمالية حيث نقلت عنه قوله إن، "إسرائيل "بصدد عملية واسعة وقوية في الجبهة الشمالية".
وذكر الجيش الإسرائيلي أنه يسعى لتصعيد متدرج على هذه الجبهة، وفقا للقناة نفسها، فما الذي يقصده نتنياهو بتوسيع العملية العسكرية؟
ويقول المحلل السياسي والباحث أنطوان شلحت للجرمق، "من الواضح أن التلميحات تشير إلى نوع من الاجتياح البري الذي يسمى إسرائيليا مناورة برية، والدليل على ذلك أن الجيش الاسرائيلي يجري منذ مدة تدريبات تحاكي عملية اجتياح بري لمنطقة جنوب لبنان، ويوجد لذلك أسباب كثيرة لكن هذا ما يقصده نتنياهو عندما يتحدث عن احتمال توسيع العملية في الجبهة الشمالية".
ويتابع، "تصريحات نتنياهو متساوقة مع تصريحات يدلي بها كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وزير الجيش الإسرائيلي غالانت قال إن مركز الثقل سينتقل من الجنوب يقصد قطاع غزة إلى الشمال، عندما يقول غالانت ذلك يعني أن المواجهة العسكرية في المنطقة الشمالية يمكن أن تتوسع وألا تقتصر على عمليات قصف متبادل تخضع لما تسميه المقاومة في لبنان قواعد اشتباك وإنما أن تمتد وربما تصل إلى مواجهة شاملة أو حرب شاملة، هذه الأمور ستتضح في الفترة القليلة المقبلة".
ويردف، "كذلك الخوف من التصعيد الشامل أو الاجتياح البري هو ما دفع الولايات المتحدة إرسال المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي جو بايدن عاموس هوكشتاين إلى المنطقة في زيارة إلى لبنان والتعليقات التي صدرت من واشنطن ومن إسرائيل تفيد بأن الإدارة الأمريكية قلقة من حدوث تصعيد شامل في الجبهة الشمالية كما يتحدث نتنياهو".
ويتابع للجرمق، "أما الحديث عن معارضة غالانت لقرار نتنياهو توسعة العملية العسكرية في الشمال هو اجتهادات وسائل إعلام ولكن لا أعلم إذا كانت التصريحات التي يدلي بها غالانت هي فعلا مُعارضِة لنتنياهو بشن عملية عسكرية واسعة في الشمال، لأن هذه الاجتهادات من غير الواضح مدى صحتها، لأن غالانت قال قبل نتنياهو إن مركز الثقل سينتقل للشمال".
ويردف، الأمور غير واضحة حتى الآن، ولكن لدي اعتقاد أن هناك نوع من الانسجام بين ما يقوله نتنياهو وما تفكر فيه المؤسسة الأمنية، التي لا شك أنها لا تزال تشعر بحرج لأن الوضع في المنطقة الشمالية آخذ بالتدهور بعد إجلاء عشرات آلاف السكان من المستوطنات وهناك تغيير بقواعد الاشتباك حيث حزب الله يقصف عمق الأراضي الإسرائيلية بحيث أن المستوطنات التي لم يتم إخلاؤها تتعرض لقصف والحياة فيها لا تطاق".
ويتابع، "الوضع المتدهور وصل حد الذروة في الشمال، وهو الأمر الذي يحتل -من وجهة نظر إسرائيل- القيام بخطوة استثنائية، وأعتقد أن المؤسسة الأمنية مؤيدة لهذه الخطوة، ولكن ربما غالانت يعارض اندلاع حرب شاملة مع حزب الله في لبنان ولكن مسألة المناورة البرية حتى الآن لا يوجد هناك مؤشرات قوية أن المؤسسة الأمنية تعارضها على العكس التصريحات تفيد بأنها تؤيد وبأنها جاهزة لمثل هذه المناورة البرية".
هل تصريحات نتنياهو بعملية عسكرية واسعة مجرد تصريحات؟
ويقول شلحت للجرمق، "ربما تكون هذه التصريحات فقط للإعلام بغرض تهديد المقاومة في لبنان من أجل الوصول لحل دبلوماسي، وربما يكون هناك نوايا حقيقية وراءها".
ويتابع، "إسرائيل ونتنياهو دائما يقول إنه يريد حلا للحدود الشمالية يسمح بإعادة السكان لمنازلهم وهذه هي القضية الحارقة الآن بالنسبة لنتنياهو، سواء كان الحل دبلوماسي أو غير دبلوماسي، الحل الدبلوماسي يعني أن ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، وحتى الآن الحزب لا يوافق على هذا الحل، والجهود الدبلوماسية التي تبذل من أجل ذلك لا تتكلل بالنجاح".
ويقول، "لذلك الخطاب الإسرائيلي في الأيام الفائتة يلمح إلى اللجوء للخيار العسكري من أجل تحقيق هذا الحل، ومن الممكن أن نتنياهو يدلي بهذه التصريحات كي يضغط على حزب الله ويبلغهم أن إسرائيل جاهزة لعملية عسكرية واسعة النطاق من أجل فرض هذا الحل لدفع الحزب لإعادة النظر في موقفه".
ويتابع، "ولكن من الممكن أيضا أن تكون تصريحات نتنياهو فعلا تهديد حقيقي سينفذه إذا استنفذت إسرائيل كل الإمكانيات للتوصل لحل دبلوماسي".
ومن جهته، يقول المحلل السياسي والباحث صالح لطفي، "نتنياهو منذ 7 من أكتوبر، يتقدم للأمام بدلا من أن يقف لحظة مصالحة مع الذات، فعلى مستوى الآمن القومي وأمن الإنسان الشخصي للمواطن الإسرائيلي لا يفكر بوقف الحرب ولكن نتنياهو يريد مجد شخصي بالدرجة الأولى ويعتقد أنه سيحقق المستقبل لإسرائيل لإنهاء وجود المقاومة في الجنوب أي حماس وفي الشمال أي حزب الله".
ويردف للجرمق، "بالتالي نتنياهو محكوم بمجموعة من الافتراضات، الافتراض السياسي المتعلق بشركائه والافتراض القومي المتعلق بتهافت المعنويات القومية لدى المواطن الإسرائيلي، والافتراض العسكري السياسي الذي يريد أن يعيد هيبة الجيش الإسرائيلي أنه القوة الأولى في الشرق الأوسط بعد أن اتضحت إمكانياته الحقيقية على رمال غزة، فكيف إذا خاض حربا بالشمال أو خاض حربا أخرى".
ويقول، "نتنياهو يتجه نحو سياسة المجهول ويعتقد أنه بتدميره لبيروت أو صيدا أو صور أو البقاع على سبيل المثال لا الحصر هو سيحقق إنجاز على غرار ما فعل بغزة، التجربة التي حصلت في غزة أن سلاح الجو الاسرائيلي مهما كان باطشا لن يحقق نصرا على الأرض، وإنما ما سيحقق النصر على الأرض هو القوات البرية المسلحة وواضح أن الجيش الإسرائيلي بخوضه معركة غزة تعلم منها لقتال حزب الله، وباعتقادي أن الدول العربية كمصر تعلموا أيضا من هذه الحرب".
ويضيف، "لا بد أنه في هذه الحرب استوعب المقاوم الفلسطيني وفي الشمال ويبدو الحوثيين أيضا نقاط الضعف لدى المؤسسة الإسرائيلية، وإذا كان نتنياهو تحدث عن الخاصرة الرخوة للعرب أنه يمكن قتل المدنيين، باعتبار أن الطيران هو القوة الضاربة لإسرائيل وباندفاعه نحو حرب في الشمال مزاوجا بين قوته العسكرية في الطيران والقوات البرية سيكون ذلك أمرا غاية في الصعوبة في أراض جبلية كلبنان فبالتالي هذه التجربة حالة انتحارية ليس لشخص نتنياهو بل لدولته أيضا".