مبادرة أمريكية أوروبية لوقف مؤقت لإطلاق النار في لبنان..هل تنجح؟

أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول نداء مشتركا في محاولة للتوصل لـ "وقف إطلاق نار مؤقت" في لبنان لمدة 21 يوما.
وقال الرئيسان الأميركي جو بايدن والفرنسي إيمانويل ماكرون في بيان مشترك فجر اليوم الخميس: "لقد عملنا معا في الأيام الأخيرة على دعوة مشتركة لوقف مؤقت لإطلاق النار لمنح الدبلوماسية فرصة للنجاح وتجنّب مزيد من التصعيد عبر الحدود".
وأضاف بايدن وماكرون أن "البيان الذي تفاوضنا عليه بات الآن يحظى بتأييد كل من الولايات المتحدة وأستراليا وكندا والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والسعودية والإمارات وقطر".
وقالت الدول الموقعة على البيان المشترك "لقد حان الوقت لإبرام تسوية دبلوماسية تمكن المدنيين على جانبي الحدود من العودة إلى ديارهم بأمان".
هل تنجح المبادرة؟
ويقول المحلل السياسي والكاتب أمير مخول، "يجب النظر إلى المبادرة بنظرة التشكيك بأن تكون مناورة وليست مبادرة لان المسعى هو في نهاية المطاف للربط بين غزة ولبنان وهذا مركب مهم ولكن الأطراف التي تشارك في المبادرة غير موثوقة فالولايات المتحدة الأمريكية لا يمكن الوثوق بها بعد تجربة غزة لأنه لم تُرِد أن تفرض قرارها مرة واحدة على إسرائيل وأيضا وقوفها بشكل دائم خلال الحرب على غزة ومنذ بدء الحرب على لبنان حتى اليوم إلى جانب إسرائيل بشكل مطلق وتغطيتها بغطاء سياسي دبلوماسي واقتصادي".
ويتابع للجرمق، "كان هناك إعلان متزامن مع التفجيرات والاغتيالات في لبنان من قبل نتنياهو أن الوزير المقرب منه ديرمر سيقوم بطرح مبادرة تشمل غزة ولبنان ويبدو أن نتنياهو أراد أن يكون لديه ورقة يتحكم بها بمستوى الحرب هل تتسع أم لا من خلال الاتفاق المطروح".
ويقول للجرمق، "حتى الآن لا توجد مؤشرات على نجاح المبادرة، الجيش يقوم بالتحضير لزيادة قواته بشكل كبير ولكن ليس بالضرورة للدخول بريا لأن ذلك وفقا للتقديرات الإسرائيلية يورط إسرائيل في حال اجتاحت لبنان بريا، ولكن هناك عوامل أخرى مساندة لصالح الصفقة أو الهدنة أن هناك الدولة اللبنانية ويوجد قناعة أن إسرائيل لا تستطيع أن تحقق ما حققته حتى الآن تكتيكيا كعمليات التفجير والقصف والاغتيالات وفرض حالة النزوح".
ويردف، "بدأ الحدث منذ اليوم الأول من التصعيد الأخير أن الولايات المتحدة طرحت فكرة عودة النازحين من الطرفين بالتوازي في لبنان وإسرائيل وهذا عمليا أمر فسرته إسرائيل أنه خلق قضية نازحين في لبنان، حيث بدأوا بتفريغ الجنوب اللبناني من سكانه بالقصف والتهديد والترويع وهناك مسعى لخلق منطقة عازلة في لبنان ليس بالمفهوم الحربي وإنما منطقة خالية من السكان".
ويضيف للجرمق، "الأمور تدار الآن حول ماذا يشمل الاتفاق، بالمبدأ قد يكون ممكنا إبرام اتفاق لوقف إطلاق نار مؤقت، إذا كان في الاتفاق بنود تربط بين غزة ولبنان وأعتقد أن كل الأطراف حينها ستكون مستعدة لإبرام الصفقة إلا الطرف الإسرائيلي وسيكون هناك اعتراض من الليكود وأحزاب اليمين لأن إسرائيل بقبولها للاتفاق ستخسر المبادرة بالحرب التي بدأتها في الأيام الأخيرة".
ويتابع، "الحديث عن الاتفاق الآن في بدايته، وكل من يتحدث عن وقف إطلاق نار فوري، هذا حديث مبالغ فيه إلا إذا كان هناك مفاجآت"، مضيفًا، "الأوضاع الآن في مساحة الغموض قد تحصل مبادرة وقد لا تحصل لكنها بالتأكيد لن توقف الحرب".
ويقول للجرمق "الولايات المتحدة الأمريكية طرحت الاتفاق لأنها لا تريد لمصالحها أن تتضرر فهي في مرحلة انتخابات رئاسية ولا تريد أن تتورط بحرب لأسبابها الخاصة وليس من أجل السلام أو من أجل أي أحد سوى إسرائيل، هذا نوع من السياسة الأمريكية الثابتة وهي المسعى لدعم إسرائيل مهما كان الأمر وضد من كانت تحارب وفي المقابل تسعى هي أن تكون الحكم في نهاية المطاف".
ويضيف، "من يرى الصحف الإسرائيلية اليوم يجد أن هناك معارضة كبيرة للاتفاق المطروح من بايدن وماكرون، في الليكود والقوة اليهودية والصهيونية الدينية، لا تبدو الأمور مُيسرة إسرائيليا ولا يمكن للولايات المتحدة أن تدعي أن الرفض جاء من حزب الله لأن لدينا تجربة غزة وتلاعبات نتنياهو بما فيه المبادرات الأمريكية التي بدأت مبادراته، وعمليا المبادرة اليوم هي مبادرة نتنياهو بالربط بين غزة ولبنان منذ اليوم الأول للتصعيد الحالي".
ومن جهته، يقول الباحث والمحلل السياسي جمال زحالقة، "الأمريكيون يقولون إنه في نفس الوقت الذي يكون فيه وقف إطلاق نار في لبنان سيكون وقف إطلاق نار في غزة، والسؤال كيف سيكون الربط بالقرار نفسه، باعتقادي الرغبة لوقف إطلاق نار في لبنان وحزب الله يريد ذلك، يجب عدم إغفال وقف إطلاق النار في غزة ولهذا السبب فرص نجاح هذه المبادرة تتعلق إلى أي درجة يكون هناك التزام بوقف إطلاق النار في غزة".
ويتابع للجرمق، " كيف سيكون الربط بين غزة ولبنان، إذا لم يكن ذلك فهذا الاتفاق بالنسبة لإسرائيل هو لـ التفرغ للجبهة اللبنانية، هناك في إسرائيل يقولون إن علينا أن نوافق على الاقتراح وأن ننهي الموضوع في الشمال للتفرغ لغزة وهذه مصيبة كبيرة لأهل غزة، و كل ما قام به حزب الله يذهب سدى بهذه الحالة، ولا أعتقد أن حزب الله سيقبل بذلك".
ويردف، "المسألة الآن مركبة وتفاصيل القرار غير معروفة للآن لكن باعتقادي موضوع الربط مع غزة سيكون العقبة أمام القبول بـ هذا الاتفاق ثم في إسرائيل كان هناك تصريحات أنها تريد أن يكون لها حرية الطيران فوق لبنان وقصف أي إمدادات لحزب الله من سوريا إلى لبنان وتريد أيضا أن يكون لها حق وتواصل عدوانها إذا خرق حزب الله الاتفاق وأن أي خرق من حزب الله يعتبر إعلان حرب، وهذا يعني أن إسرائيل تريد أن تبقي حتى لو وافقت على وقف إطلاق نار تريد كل الأوراق بيدها وهي تقرر كيف ومتى ستواصل الحرب بعد هذا الإعلان، وإمكانية التوصل لاتفاق ينهي الحرب نهائيا خلال أسابيع أمرمستبعد نهائيا".
ويقول حول الدوافع للإعلان عن المبادرة سريعا، مضيفًا، "المبادرة فرنسية امريكية، فرنسا لا تريد انهيار الدولة اللبنانية وهذا مهم جدا جدا لفرنسا وبالنسبة لها هذا خط أحمر والدولة اللبنانية مرشحة للانهيار في ظل الأوضاع الصعبة والكارثية الموجودة في لبنان".
ويردف للجرمق، "الولايات المتحدة بالنسبة لها الأهم ألا تندلع حرب إقليمية تجرها للمشاركة في الحرب عشية الانتخابات لهذا السبب تلاقت المصالح الأمريكية والفرنسية للدعوة لوقف إطلاق النار، هذه هي الدوافع، وإمكانية أن تنهار الدولة اللبنانية وأن تتحول الحرب إلى حرب إقليمية واردة جدا جدا جدا لهذا السبب جاء الاستعجال الأمريكي الفرنسي للمبادرة".
ويقول للجرمق، "السؤال الأهم بالقضية أن الحرب لم تفرض على إسرائيل كما تدعي فهذا خيار إسرائيلي كان بإمكان إسرائيل أن تقبل بصفقة وهدنة في غزة وعندها يكون وقف لإطلاق النار في غزة وحل دبلوماسي في لبنان، لكنها اختارت أن تواصل الحرب في غزة بمعنى أن تبقى الجبهة اللبنانية مفتوحة وتريد أن تحل المشكلة في الشمال خلال الحرب، هذا هو الخيار الاسرائيلي، هل تقبل إسرائيل أن تغير خيارها وتذهب للحل الدبلوماسي، لا أعتقد، هي هجرت هذا الخيار حين فتحت عدوانها الحالي على لبنان الذي هو استمرار للحرب في غزة، والمعادلة الآن، هدنة في غزة تعني حلا دبلوماسيا في لبنان وحربا في غزة تعني حربا في لبنان ".