من هو سفير "إسرائيل" الجديد لدى الولايات المتحدة الأمريكية؟
صادقت الحكوم

صادقت الحكومة الإسرائيلية، بالإجماع على تعيين يحيئيل لايتر سفيرًا جديدًا لإسرائيل في الولايات المتحدة، حيث من المقرر أن يحل لايتر محل السفير الحالي، مايكل هرتسوغ، في 24 كانون الثاني/ يناير المقبل، بالتزامن مع تنصيب الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة دونالد ترامب.
وتم هذا التعيين بناء على توصية لجنة التعيينات التي يترأسها، "مفوض خدمات الدولة"والتي أيدت بدورها، تعيين ليتر.
من هو يحيئيل ليتر؟
ويعتبر يحيئيل ليتر الذي سيحل مكان السفير الحالي مايكل هيرتسوغ أحد المقربين لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وشغل سابقًا منصب رئيس موظفيه عندما كان الأخير وزيرا للمالية.
ويحمل ليتر الجنسية الأمريكية ويعيش في مستوطنة "عيليي" المقامة على أراضي الفلسطينيين شمال رام الله في الضفة الغربية.
وبحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية فإن ليتر كان عضوا في منظمة "كاخ" التي أسسها الحاخام مئير كاهانا في الولايات المتحدة، حيث شارك في أنشطة لصالح المستوطنات في الضفة الغربية، مع التركيز على الاستيطان في مدينة الخليل.
ولفتت الصحيفة إلى أن اختيار نتنياهو له لشغل منصب السفير لدى واشنطن، يشير إلى نية نتنياهو التحالف مع حركة المستوطنين في "إسرائيل" قبل ولاية ترامب الجديدة.
ولفت موقع "واينت" الإلكتروني إلى أن يحيئيل ليتر خدم في الجيش الإسرائيلي كمسعف وشارك في حرب لبنان الأولى، وكان من أوائل المستوطنين في حي "أدميت يشاي" في الخليل، وقام بالتدريس في معاهد التوراة في القدس عام 1986، وبين الأعوام 1989-1992 كان رئيساً للجنة الاستيطان في الخليل.
ووفقًا للموقع فإن ليتر، "عمل إلى جانب أريئيل شارون خلال فترة عمله كوزير للبنى التحتية، وفي عام 2001 تم تعيينه رئيسًا لمكتب وزيرة التربية والتعليم آنذاك ليمور ليفنت. وبعد ذلك شغل منصب نائب المدير العام لوزارة التربية والتعليم، كما أسس منظمة "القدس الواحدة" التي حاربت التسوية السياسية التي روج لها إيهود باراك".
وبحسب الموقع فإنه، "في عام 2004 تم تعيينه رئيسًا لمكتب نتنياهو، الذي كان آنذاك وزيرًا للمالية، وهو المنصب الذي شغله حتى نهاية عام 2005".
وفي عام 2006، انضم ليتر بحسب "واينت" "إلى مركز القدس للشؤون العامة وشؤون الدولة كباحث كبير في السياسات، وبدأ دراسة الدكتوراه في الفلسفة السياسية في كلية الحقوق بجامعة حيفا. وفي عام 2008، تم انتخابه في المركز 42 على قائمة الليكود للكنيست الثامنة عشرة".
منظمة "كاخ"
تُعد منظمة "كاخ" التي كان ليتر عضوا فيها سابقا منظمة محظورة بحسب القانون الإسرائيلي، كما كانت المنظمة ضمن قائمة "الإرهاب" في الولايات المتحدة الأمريكية وبقيت كذلك حتى عام 2022.
وتأسست حركة "كاخ" الصهيونية على يد مائير كاهانا، في نهاية الستينيات بالولايات المتحدة الأمريكية، لكنها بدأت نشاطها السياسي عام 1971، عندما هاجر "كاهانا" إلى الولايات المتحدة مع عدد من أتباعه.
ونصّ ميثاق حركة "كاخ" المعلن على أن "أرض إسرائيل ملك لليهود فقط، وأن الفلسطينيين يجب ترحيلهم قسرا من أراضيهم".
وتدعو الحركة إلى تهجير الفلسطينيين من أراضيهم وترحيلهم إلى الدول العربية ضمن ما يعرف بخطة "الترانسفير"، وأن تكون إسرائيل خالصة لليهود وحدهم، كما ترى أن التوسع الاستيطاني أمر غير قابل للمساومة.
وكان للحركة مواقف عدة بشأن إعادة سيناء والجولان لجمهوريتي مصر وسوريا، حيث عارضت الحركة إعادة سيناء إلى مصر كما أنها تعارض إعادة الجولان لسوريا واتفاقية أوسلو، فهي ترى أن لإسرائيل الحق في الأرض والسيادة، وينبغي عليها أن تطبق سيادتها على الأرض فوراً لأن في ذلك ضرورة لمصالح إسرائيل الأمنية.
وسعت حركة "كاخ" إلى إقامة دولة يهودية خالصة على أرض فلسطين، وشكلت مجموعات مسلحة للاعتداء على قرى الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم، كما تبنت عمليات قتل بحقهم.
ونجحت الحركة في الحصول على مقعد في الكنيست الإسرائيلي، مع صعود حزب الليكود اليميني إلى السلطة عام 1977 وسيطرة الخطاب المتطرف على الساحة السياسية. لكن سرعان ما تم حظرها من الكنيست وإدراجها ضمن قوائم الإرهاب عام 1994.
وتولدت حركة كاخ عن "رابطة الدفاع اليهودية" التي أسسها مائير كاهانا في الولايات المتحدة الأميركية عام 1968.
ويرى كاهانا أن القوة والعنف هما الطريقان الوحيدان لتحقيق أهداف اليهود، وأن "السلوك السلمي هو ما جرّ على اليهود الظلم".
ويقول د.سليم بريك للجرمق، "تعيين سفير في الماضي كان مصنف كعضو حركة كاخ يدل على خطورة معينة أن هذه الحكومة لم يعد لديها أي خطوط حمراء، رأينا تعيين بن غفير وزير أمن قومي وهذا كان انحدار بسياسة الحكومة وتراجع في كل القيم الديموقراطية والأساسية، وهذه الآن خطوة إضافية سيئة من ناحية إسرائيل والأسوأ هو أن تستقبل الولايات المتحدة هذا السفير فهو يدل على أن الولايات المتحدة لم تعد تهتم كثيرا بالأعمال التي تمس بالفلسطينيين والتوجه العنصري في الضفة الغربية".
ويردف للجرمق، "حركة كاخ حُظرت منذ عام 1985 خارج القانون وكان هناك محاولات من أشخاص أعضاء في الحركة أن يدخلوا الكنيست فاضطروا أن يتركوا الحركة ومع أنه من ناحية سيكولوجية ومن ناحية الأيدولوجيا العامة حتى لو تركوا حركة معينة، لا يعني أنهم تخلوا عن مبادئها، ولكن في إطار تدهور نظام الحكم في إسرائيل والنزعة الفاشية فيها".
ويقول للجرمق، "مثلا تعيين بن غفير مسؤول عن الأمن القومي وعن حياة المواطنين العرب هو دلالة على الخطر الفاشي الموجود في إسرائيل".
وبدوره يقول الكاتب والمحلل السياسي أنطوان شلحت للجرمق "تعيين هذا السفير مع كل ماضيه الإرهابي وكل مواقفه المتطرفة يحكي سياسة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التي تعتمد على أقصى اليمين المتطرف في إسرائيل، عندما نعرّف الحكومة الحالية بأنها الأكثر تطرفا قوميا ودينيا لم يأت من قبيل المصادفة".
ويتابع، "تعيين هذا السفير يجسد هذا التعريف ويؤكد أن الحكومة الحالية متمسكة بسياسة التطرف خاصة في سياق العلاقة مع الولايات المتحدة".
إزالة حركة "كاخ" من قائمة الإرهاب
وفي عام 2022، أزالت الولايات المتحدة الأمريكية خمس حركات من قائمة "الإرهاب"، ومن بينها المنظمة الصهيونية "كاخ".
وقالت الخارجية الأمريكية آنذاك إنها "رفعت الجماعات بعد مراجعة دورية بعد خمس سنوات من إدراجها".
وفي حينه، جرى الابقاء على تنظيم القاعدة ضمن قائمة "الإرهاب"، الذي خضع للمراجعة أيضاً، ضمن القائمة التي وُضعت بموجب قانون الهجرة والجنسية الفدرالي.
وذكرت وزارة الخارجية في بيان ”مراجعتنا لهذا الإدراج للمنظمات الخمس الإرهابية الأجنبية أوضحت، بموجب قانون الهجرة والجنسية الفدرالي، أنها لم تعد ضالعة في إرهاب أو نشاط إرهابي ولم تعد تملك القدرة والنية على القيام بذلك".
السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة
ويقول الباحث والمُحاضر في العلوم السياسية في جامعة حيفا د.سليم بريك للجرمق، "السفارة الإسرائيلية في الولايات المتحدة الأمريكية هي سفارة مهمة جدا وهي قناة الاتصال بين رئيس الحكومة الإسرائيلية والبيت الأبيض بشكل مباشر ولذلك طبيعي أن يقوم رئيس الحكومة بتعيين سفير مقرب له من ناحية الخطة السياسي".
ويتابع، "هناك شيء مقلق أنه عادة السفير في الولايات المتحدة يطلب تمديد لسنة رابعة ويحصل على هذا التمديد بشكل عام، ولكن هذه المرة إذا أخذنا أن مايك هرتسوغ هو رجل حزب العمل وشقيق رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، واضح أن الحكومة تريد تغييره ليكون هناك شخص مؤتمن على حكومة إسرائيل، وبالنسبة لإسرائيل هناك 11 سفارة مهمة في العالم ومهم بالنسبة للحكومة أن تكون في هذه السفارات شخصيات موثوقة من ناحية الحكومة".
ويضيف للجرمق، "قد تكون موافقة الولايات المتحدة على استقبال هذا السفير هذا له دلالات مقلقة بالنسبة للفلسطينيين بالضفة الغربية وربما أيضا بالعلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بكل ما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
ويردف للجرمق، "اختيار شخص كان يتبع لمنظومة كاخ بشكل خاص باعتقادي هذا أمر خطير واجتياز للخطوط الحمراء، ولكن سننتظر ونرى ماذا سيرد السفير نفسه، هل سينفي هذا الكلام أو يفنده أم سيعترف أنه مقرب من حركة كاخ الإرهابية".
دلالات توقيت الإعلان عن السفير الجديد بعد فوز ترامب
ويقول المحاضر في العلوم السياسية د.سليم بريك، "أنا غير متفاجئ من التوقيت، فنظام ترامب، والمجموعات المحيطة به، معادية للفلسطينيين والعرب بشكل عام، وقسم منها أكثر تطرفا من الليكود".
ومن جانبه، يقول أنطوان شلحت للجرمق، "لا يمكن أيضا أن نفصل هذا التعيين عن إعادة انتخاب ترامب رئيسا للولايات المتحدة، هذه مسألة شديدة الأهمية، نتنياهو كان طيلة الوقت يراهن على إعادة انتخاب ترامب، لأنه يعتقد أن وجود ترامب في البيت الأبيض يمكن أن يعيد العلاقة بين الزعيمين -وليس بين الدولتين لأن العلاقات جيدة بينهما-، إلى ما يوصف للمربع الذهبي لأن ترامب في الولاية الأولى منح إسرائيل الكثير من الهدايا السياسة، اعترف بضم الجولان وضم القدس، ونقل السفارة إليها واعترف بشرعية المستوطنات وأطلق صفقة القرن التي كان فيها تأييد لمشاريع ضم إسرائيل للأراضي المحتلة عام 1967".
ويتابع، "تعيين ليتر يحمل رسالة سياسية لإدارة ترامب أنه يريد أن يعيد الأمور لما كانت عليه في الولاية الأولى لترامب، لأن هذا السفير يحمل الفكر المتطرف ويحمل كل الأفكار التي جرى التعبير عنها في الماضي القريب"
ويضيف للجرمق، "بكل تأكيد، تعيين يحمل رسائل سياسية شديدة الخطورة لتكمل سياسة إسرائيل التي تجسدت في الحرب على قطاع غزة والحرب على لبنان".
ويتابع، "ولاية ترامب السابقة كان فيها تأييد للضم والاستيطان ووزير خارجيته قال إن الاستيطان شرعي، مع أن موقف الولايات المتحدة كان يعتير الاستيطان في أراضي67 غير شرعي، الآن في الولاية الجديدة لا أحد يعرف ما هو موقف ترامب حيال المسألة الفلسطينية وحيال الأراضي المحتلة والاستيطان، وذلك لأن ترامب نفسه غير مُتوقَع، لا أحد يعلم سياسته، يمكن أن يعبر عن سياسة اليوم وفي اليوم التالي يناقضها جملة وتفصيلا"
ويختم، "حتى الآن تصريحات ترامب بما يتعلق بمستقبل الحرب والمسألة الفلسطينية، فيها جانب في التغيير عن سياسته السابقة، وأحد أسباب التغيير التي تصعّب علينا تقدير سياسة ترامب بخصوص المسألة الفلسطينية، أن سبب رئيسي لنجاحه في الانتخابات الرئاسية يعود لتصويت عدد كبير من الجاليات العربية والإسلامية، وأعتقد أنه سيأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار، لأنه بفضل هذه الأصوات عاد للبيت الأبيض، وهو رئيس فيه قدر من البراغماتية، ولهذا من الصعب توقّع سياسته، يجب أن ننتظر دخوله للبيت الأبيض".