مؤتمر حيفا الثالث للسياسة والمجتمع العربي يوم 2025/5/13 بجامعة حيفا

حيفا


  • الثلاثاء 13 مايو ,2025
مؤتمر حيفا  الثالث للسياسة والمجتمع العربي يوم 2025/5/13 بجامعة حيفا
حيفا

سيقام الأسبوع الجاري ما يسمى مؤتمر حيفا الثالث للسياسة والمجتمع العربي في إسرائيل بالتعاون بين مؤسسات مختلفة وبمشاركة  سياسيين وصحفيين وقادة من المجتمع المدني. وقد ارتأيت أن أطرح بعض الملاحظات حول هذا المؤتمر لما شابه ويشوبه من إشكالات من حيث المبنى والمعنى.

1.  طمس الهوية الفلسطينية

بدءاً بالعنوان واستمرارا بالتعريف وبالمقدمة والمداخلات لا يوجد أي ذكر يربط أي من نقاط البحث بالروابط البديهية ما بين الهوية الفلسطينية والمجتمع العربي في الداخل وتأثير ذلك على العلاقات اليهودية العربية. يبدو أن هناك حظر ومقاطعة على إدراج  كلمة "فلسطين "فلسطيني" " فلسطينيون"... بشكل رسمي علني من خطاب (discourse ) المؤتمر  وكأن المجتمع العربي في "إسرائيل" مقطوع من شجرة " لا اسم لها ولا لون، ولم ينبت من جذور فلسطينية عميقة وأن غزة والضفة الغربية والقدس واللاجئين يقيمون على كوكب آخر. طبعا هذه ليست هفوة وإنما ذلك قد يرمز إلى تعزيز شراكة عربية يهودية على طريقة تحليل وتحريم  الحاخامية الكبرى – كوشر/כשר - فلا تنغص نقاءها  "فلسطين" أو غزة  وحتى أبو مازن .

هذا ولا أظن أن المشاركين جميعا،  قد فطنوا إلى هذا الفهم  وسكتوا عنه، مع أن بعضهم قد يجاهر به برضىً واكتفاء! 

هذه الشراكة طبعا مهمة ويجب العمل على بنائها وتنظيمها وضبطها بحسن نية،  ولكن ما هكذا تورد الإبل.

وقد يزيد الأمر إحباطا مكان انعقاد المؤتمر في جامعة حيفا - مع أنني لا أعول كثيرا على فرضية انعقاده في أي جامعة أخرى، حيث كانت ولا زالت هذه المؤسسات عنوانا لملاحقة طلاب عرب خاصة ومحاضرين تضامنوا ضد حرب الإبادة على غزة وقتل الأبرياء ومنهم الاطفال وتدمير الجامعات والمؤسسات التعليمية.

2.العنوان 

مع أن الفرضية الأصل هي أن ما يكتب باللغتين في الإعلان الواحد إنما هو ترجمة أمينة ينبغي أن تعكس الدلالة المقصودة حقّاً من النص، فإن هناك اختلافا بيّناً بين النص العبري والنص العربي، ولست قادرة على حمل ذلك على السهو أو حسن النيّة، بل هو تلاعب بالألفاظ لغرض تشكيل صورة ذهنية غير تلك المقصودة حقا لدى المتلقي العربي. ففي حين قيل بالعبرية "تقوية القوى السياسية  بالمجتمع العربي" فقد أصبحت بالعربية " تقوية المجتمع العربي سياسيا " وشتان ما بين الاثنين فقد تقوى القوى السياسية ولكن المجتمع لا يقوى سياسيا خاصة إذا كانت هذه القوى بعيدة عن جمهورها. على سبيل المثال لو نشطت اليوم قوى سياسية يمينية عربية بدعم من جهات عليا أو قوى سياسية لأجندة أجنبية فهل هذا يعتبر تقوية للمجتمع العربي سياسيا .

أضف إلى ذلك أنه من الملاحظ أن العناوين باللغة العبرية تسبق اللغة العربية وهو نمط اعتدنا عليه وعلى دلالته الخفية للتعبير عن فوقية هذه اللغة ودونية تلك. صحيح أن هذا النمط ما يسيطر على الخطاب الرسمي في الدولة، إلا أنه مستهجن حين يكون السياق أكاديميا والهدف " شراكة عربية يهودية " أو على نسقهم " يهودية عربية ".

 3. العنوان ومقدمة التعريف عن المؤتمر وجوهره 

من فقرة التعريف بالمؤتمر يتضح ان ما يهدف اليه المؤتمر هو تقوية الشراكة  العربية اليهودية  وتقوية وتعزيز القوى السياسية في المجتمع العربي  او تقوية المجتمع العربي سياسيا وذلك  وفقا لما يفهم من النص الاصلي بالعبرية او الترجمة للعربية  وما يشاء ان يتبناه القارئ. هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى فانه من الغريب بمكان ان  يتجاهل المؤتمر مواضيع مفصلية ساخنة  تؤرق المواطن العربي  هذه الايام مثل استشراء العنف والجريمة في مدنه وقراه . لقد ذكر هذا الموضوع بحجم اسقاط الواجب فلم يخصص له سوى 45 دقيقة من خلال فقرتين .(ما يقارب 15 % من وقت المؤتمر)

هذا ولعل هذا المؤتمر في جوهره قد يصلح لأن يكون مقدمة لمؤتمرات قادمة على  شاكلة ما تلده مواسم الانتخابات التي قد تكون قريبة او قريبة جدا وطرح أفكار "خلاقة" لاستقطاب الأصوات العربية  كايجاد  اطار يميني "لطيف" (cute) . وفي هذا السياق ذاته لا يمكن الا استذكار شراكات قد لفظت أنفاسها منذ زمن واخرى قائمة الا انها لا زالت في غرفة الإنعاش في حالة ليست مستقرة  , فالجبهة  للسلام والمساواة اخذت بالتـآكل عبر السنين والقائمة التقدمية للسلام  اختفت تماما , وتبعثرت القائمة المشتركة حتى بلغ باحد مركباتها انه  قد شق عصا القوم والتحق بالاتلاف الحكومي – الامر الذي بات مستهجنا لدى القاضي والداني بل ويعتبر تناقضا وجاهيا بين مقومات وثوابت الانتماء وبين الخطوط العريضة لكل حكومات إسرائيل . 

4. المنظمون 

صحيفة هـآرتس هي المبادر والمنظم الاساسي لهذا المؤتمر, وكما حصل بالمؤتمرات السابقة, بالتعاون مع الصندوق الجديد لاسرائيل  والمركز اليهودي العربي في جامعة حيفا . الخبر ليس هنا وانما فيما يتعلق بالمنظمين العرب. فقد ورد بالتعريف عن المؤتمر انه بالشراكة مع   "الصندوق الجديد لاسرائيل  ,معهد قضايا والمركز اليهودي العربي في جامعة حيفا " فلماذا اختفى معهد قضايا من العنوان ؟  الحقيقة  ان هذا  الاختفاء  ليس أحجية  ففي نهاية الاعلان وبعد  ذكر وجبة الغداء  نجد اسم معهد قضايا وبشكل مفاجئ مركز امان  ايضا  وبالألوان.

ملاحظة – معهد قضايا هو احد مشاريع المركز العربي للتخطيط  البديل .

5. وصفة لوجبة سريعة مع الملح والفلفل (العرب واليهود او اليهود والعرب )

يمتد المؤتمر على مدى 5 ساعات تقريبا، دون الاخذ بالاعتبار استراحة نصف ساعة، ويشارك به 29 متكلم ومتكلمة و6 محاورين /ات و/او مسيرين/ات .فكم من الوقت سيعطى لكل مشارك/ة ؟ طبعا المعادلة ليست حسابية لان هناك عوامل اضافية على سبيل المثال: كم يستغرق الوقت لتبديل المشاركين/ات بين الفقرة والاخرى  ؟ وكم من الوقت للمحاور/ة او للميسر/ة ؟ وعوامل اخرى غير متوقعة مثل التأخيرات وامتداد فقرات بشكل غير متوقع على حساب فقرات تليها .

من الملاحظ ان المؤتمر بصيغتة  الالقائية  يعتبر الحضور وكيل صامت ومستمع كريم ولم ولن يعطى مجالا  للتفاعل وابداء الرأي  في اي مرحلة من المراحل  .    

نهاية اعتذر من  بروفيسور منى مارون عميدة جامعة حيفا - وهي التي شاركت باصدار امر لمبررات اجرائية بتعليق نشاط احدى الكتل الطلابية بعد ان رفعت صور اطفال شهداء من غزة داخل الحرم الجامعي - لاستعمالي الملح والفلفل في وصفة مؤتمر جامعي واقتباس ذلك من أحد مقالاتها التي  توضح به علاقة التناغم الموجودة والمنشودة ما بين  الفلفل والملح أي اليهود والعرب في اسرائيل . على أمل ان تكون  لي عودة  لموضوع  يتعلق  بهذا  الشأن .

 

. . .
رابط مختصر



مشاركة الخبر